التحكيم في نزاعات الشغل الفردية

يعتبر التحكيم من ضمن الحلول البديلة لحل النزاعات، بل من اهمها لما يحققه فعالية في حل النزاعات في وقت وجيز مقارنة بمساطر التقاضي العادية وباعتماد امكانيات اتفاقية تسهل الولوج، وأكثر نجاعة.

ويطرح السؤال حول مدى امكانية اللجوء للتحكيم في نزاعات الشغل الفردية كدعوى التعويض عن الفصل التعسفي مثلا، وجوابا على ذلك فإن الأصل في التحكيم هو جوازه في جميع القضايا ما لم يرد استثناءً المنع بنص، وذلك استنادا لمقتضيات المادة 14 من قانون 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية والتي تجيز للأفراد ابرام اتفاق التحكيم في الحقوق التي يملكون حق التصرف فيها، وكذلك المادة 15 من نفس القانون التي حددت الحالات التي لا يجوز فيها ابرام اتفاق التحكيم والمتعلقة بحالة الأشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية الخارجة عن دائرة التعامل.
وبالرجوع الى هذه الاستثناءات فإننا لا نجد الحقوق المترتبة على عقد الشغل بمعنى أن المشرع لم يستثني من القاعدة النزاعات المتعلقة بعلاقات الشغل الفردية.
وبخصوص نصوص مدونة الشغل بالمغرب نجد انه لم يرد بها ما يقيد حق اللجوء للتحكيم في نزاعات الشغل الفردية، عكس القانون الفرنسي الذي قيد اللجوء للتحكيم في حالة انهاء عقد الشغل، وحدد الجهة المختصة للبت فيه في مجلس المنازعات الفردية.

كما أن العمل القضائي لمحكمة النقض المغربية استقر على جواز التحكيم في نزاعات الشغل الفردية كما يتضح من خلال مجموعة من القرارات :

“يعد التحكيم من الحلول البديلة لحل نزاعات الشغل الفردية وذلك لما يحققه في الحصول على الحق بأسرع وقت وبأقرب السبل، والمحكمة لما اعتبرت أن موضوع النزاع سبق البت فيه بمقتضى مسطرة التحكيم، وأن عدم تنفيذ المقرر التحكيمي ليس سببا لإعادة طرح النزاع من جديد أمام القضاء ورتبت الآثار القانونية على ذلك يكون قرارها معللا تعليلا كافيا”.
قرار محكمة النقض عدد 306 بتاريخ 2016-02-23 ملف عدد 2015/1/5/496.

وجاء في قرار اخر “لا مانع يمنع طرفي عقد الشغل من إنهاء العلاقة فيما بينهما عن طريق التحكيم حكل بديل لحل منازعات الشغل الفردية، ما دام عنصر التبعية قد أصبح منعدما وعليه لا يمكن الطعن في المقرر التحكيمي”.
قرار محكمة النقض عدد 1172 بتاريخ 12/09/2013 في الملف 2012/2/5/1163.

وفي قرار اخر اعتبرت محكمة النقض ان وجود شرط التحكيم مانع من عرض النزاع على القضاء متى تمسك به احد الاطراف : “إذا تضمن الاتفاق التحكيمي شرطا بعرض النزاع الناشئ بين الأطراف على الهيئة التحكيمية قبل اللجوء إلى القضاء وتمسك أحد الأطراف ببند التحكيم وجب على المحكمة المعروض أمامها النزاع أن تأخذ هذا الشرط بعين الاعتبار”.
قرار عدد 899 بتاريخ 04/07/2023 ملف عدد 2022/1/5/1883.

واذا كان المقرر قانونا ان الاجير يستفيد من المساعدة القضائية في اطار الدعاوي المعروضة على القضاء فإن هذا المبدأ لا يسري على المصاريف والاتعاب المتعلقة بمسطرة التحكيم كما جاء في القرار الآتي : “إذا كان الأصل بالنسبة للأجير هو استفادته من المساعدة القضائية عملا بالفصل 273 من ق. م.م، فان موافقة الأجير على الشرط التحكيمي، والذي مفاده أن الحكم التحكيمي سيحمل الطرفين مصاريف التحكيم، يبقى شرطا خاصا، يكون قد ارتضاه الطالب ورضي به خروجا عن الفصل أعلاه، وأن المحكمة لما لم تجب على دفع الأجير تكون قد ردته ضمنيا”.
قرار محكمة النقض عدد 348 بتاريخ 13/04/2022 ملف عدد 2019/2/5/2846.

 


#الأستاذ_لكدالي_عمار
#محام_بهيئة_المحامين_بالدارالبيضاء
#التحكيم
#نزاعات_الشغل_الفردية
#التعويض_عن_الفصل_التعسفي
#محكمة_النقض

Legdaliavocat ©2025