التحكيم في نزاعات الشغل الفردية

آخر المستجدات القانونية في المغرب: العقود المدنية

تعتبر العقود المدنية العمود الفقري للعلاقات المدنية والتجارية في المغرب. شهدت السنوات الأخيرة العديد من المستجدات التشريعية والقضائية والتطبيقية التي تؤثر على كيفية صياغة العقود، تنفيذها، وتسوية الخلافات الناشئة عنها. فيما يلي عرض مُحدّث وموسع لأبرز هذه التطورات وتأثيرها على الأطراف المتعاقدة.

١) مرونة قواعد تكوين العقد وصياغته

اتجهت المحاكم والفقه القانوني نحو منح مزيد من الحرية للأطراف في ترتيب علاقاتهم التعاقدية شرط عدم مخالفة النظام العام والأخلاق. يُلاحظ قبول أكبر لبنود توافقية مُبدعة بشرط وضوحها وعدم إخلالها بالحقوق الأساسية للأطراف.

٢) الرقمنة والتوقيع الإلكتروني

أدخلت التشريعات قواعد واضحة للاعتراف بالتوقيع الإلكتروني كوسيلة صحيحة لإبرام العقود، شريطة استيفاء شروط التمكين والتوثيق التي تضمن سلامة وسرية المعاملات. ساهم ذلك في تيسير إبرام العقود عن بُعد خاصة في المعاملات العقارية والتجارية.

٣) حماية الأطراف الضعيفة والمستهلكين

عزز المشرع حماية المستهلكين والأفراد من خلال فرض قواعد شفافية وإعلامية ملزمة في العقود المعتمَدة لعامة الناس، مثل عقود التمويل، التأمين، والخدمات الرقمية. كما توسعت رقابة القضاء على البنود الجائرة وإبطالها عند ثبوت الإكراه أو الغبن الفاحش.

٤) عقود الإيجار والحماية السكنية

شهدت القوانين المتعلقة بالإيجار السكني تغييرات تهدف إلى تحقيق توازن أفضل بين حقوق المالك والمستأجر، من خلال إقرار آليات لحماية المستأجرين الضعفاء وتنظيم شروط الزيادة في الأجرة وإجراءات الإخلاء.

٥) تنفيذ العقود والإجراءات التحفظية

عملت التشريعات والقضاء على تسريع إجراءات التنفيذ بواسطة الرقمنة وإدخال آليات تحفظية فعّالة مثل الحجز التنفيذي الإلكتروني والطلب العاجل للإجراءات المحافظة لضمان قيمة الحقوق المالية.

٦) المسؤولية التعاقدية والتعويضات

تطوّر اجتهاد المحاكم في تحديد معايير المسؤولية التعاقدية، مع مرونة أكبر في تقييم الأضرار والتعويضات بما يتناسب مع طبيعة العقد والظروف المحيطة وتقليل التجريم في الحالات التي يمكن تسويتها مدنيًا.

٧) الوساطة والتحكيم في المنازعات المدنية

زاد الاهتمام بآليات فض المنازعات البديلة مثل الوساطة والتحكيم لتفادي طول التقاضي. وسّع القانون نطاق الاتفاق التحكيمي وشجّع اللجوء إلى الوساطة في المنازعات الأسرية والتجارية والمدنية الأخرى.

٨) العقود في سياق الوباء والعمل عن بُعد

أفرزت جائحة COVID-19 ضرورة إعادة النظر في مفهوم القوة القاهرة والقصور في تنفيذ الالتزامات، مع توسعٍ في قبول الاعتماد على العمل عن بُعد وتنفيذ الالتزامات عبر الوسائل الرقمية، ما فتح بابًا لإعادة صياغة بنود التكيّف والتعويض في العقود المستقبلية.

٩) نصائح عملية لصياغة العقود المحدثة

• استخدم لغة واضحة ومحددة لتفادي التأويل القضائي.
• أدخل بنودًا رقمية (التوقيع الإلكتروني، تبادُل الإخطارات عبر البريد الإلكتروني المشفّر).
• نصّ على آليات حل النزاعات (وساطة/تحكيم) وتحديد القانون والاختصاص القضائي بوضوح.
• تضمّن بنود القوة القاهرة وقواعد التكيّف وإعادة التفاوض في حالات الأزمات.
• احفظ حقوق الأطراف الضعيفة بمنع البنود الجائرة وإدراج آليات للانسحاب أو التعويض العادل.

١٠) الخلاصة الموسعة

تشهد عقود المغرب المدنية تحولًا تدريجيًا نحو مزيد من المرونة والرقمنة وحماية الأطراف. من جهةٍ، فتحت التعديلات الباب أمام إبداعات تعاقدية تخدم الاحتياجات العملية، ومن جهةٍ أخرى، أكدت الضوابط التشريعية والقضاء على ضرورة حماية النظام العام والأطراف الضعيفة. إنّ صيغ العقود المستقبلية ستعتمد بشدة على دمج التكنولوجيا القانونية وبنود مرنة للتأقلم مع بيئة اقتصادية واجتماعية متغيرة.